معاد قنودي

من المعلوم أن شبه جزيرة الداخلة الواقعة في عمق الجنوب المغربي، تزخر بمؤهلات سياحية واقتصادية مهمة تجعلها تستحق فعلا لقب “عروس الصحراء”، وتبوؤها لاحتلال مراتب متقدمة في مؤشر التنمية على الصعيد الوطني والقاري معا؛ لكن ما يحدث ظاهريا شيء و ما يقع اجتماعيا وإداريا شيء آخر تماما.

فمن المفارقات الغريبة في هذه المدينة الغنية، أن تجد شبابها الحامل للشواهد العليا والأجدر بحمل مشعل التنمية في المدينة، يقبعون تحت وطأة التعطيل والبطالة، شباب طموح ومؤهل للمشاركة في عجلة التنمية وأدرى بتضاريس وخبايا بيئته مقصي من هذه المشاركة.

مباشرة بعد فرض نظام التعاقد سنة 2017، اختار مجموعة من شباب وشابات المدينة سلك طريق النضال السلمي مطالبين بحقهم الأساسي في الشغل، ومحاولة منهم لإيصال صوتهم للجهات المسؤولة، تم تأسيس “التنسيقية المحلية للمجازين المعطلين بالداخلة”، ومنذ ذلك الوقت والتنسيقية تجسد وقفات احتجاجية سلمية أمام الإدارات العمومية المعنية بشكل مستمر وأسبوعي لما يناهز 6 سنوات، دون إيجاد تسوية حقيقية لملفات المعطلين بالمدينة.

وفي تصريح حصري لحياد24 لعزيز البور، عضو التنسيقية، فإن الست سنوات الماضية عرفت مفاوضات “ماراطونية” بين أعضاء التنسيقية ومسؤوليين بالمدينة، غير أن تلك المفاوضات لم تتجاوز حد الطمأنة و إطفاء نار التأجيج و تأجيل المطالب من موعد سابق إلى موعد لاحق.

وعن الأسباب الخفية والحقيقية وراء عدم إدماج هؤلاء الشباب الغيورين على الوطن داخل عجلة التنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية بشكل خاص، يقر عضو التنسيقية المحلية للمجازين المعطلين بالداخلة، بأن واقع الصحراء يبقى استثنائيا وفريدا ويحتمل أكثر من قراءة، فعلى سبيل المثال؛ مباشرة بعد تأسيس التنسيقية المحلية التي فتحت الباب أمام المعطلين للنضال بالرغم من مختلف انتماءاتهم العرقية والقبلية، تم تأسيس إطارين جديدين في مدينة الداخلة هما “الكفاءات” و “العهد” واللذان تم تسوية أوضاعهم بسرعة وتم إدماج طاقاتهم داخل سوق الشغل في مدة وجيزة، وعن أسباب ذلك يقول عضو التنسيقية بأنه للأسف يسجل منذ مدة تعامل لا ديمقراطي داخل بعض جهات المجالس الجماعية والتي تصنف المواطنين إلى درجة أولى ودرجة ثانية، في إشارة لما يتعرض له الشباب الذين تعود أصولهم لمناطق “الداخل” في الصحراء المغربية.

اخيرا، وفي ضل الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا، وفي ضل الحاجة لإطارات وطاقات داخلية متماسكة، تمتلك إرادة حقيقية في بناء الوطن والدفاع عنه وتحصينه، يبقى السؤال مفتوحا حول مصير الشباب المغاربة المعطلين وسط الأقاليم الجنوبية.