تفويت الصفقات والتعيينات المشبوهة في السمارة.. عندما يصبح المال العام غنيمة للمقربين
حياد24- السمارة
علي سالم النعيمي
تشهد مدينة السمارة موجة من الغضب بسبب تفويت صفقات عمومية لمقاولات لا تتوفر على المؤهلات المطلوبة، وتعيينات في مناصب تقنية على أساس الولاءات بدل الكفاءة. هذه الممارسات، التي تتم بعيدًا عن أعين الرقابة والمحاسبة، تعكس استغلالًا صارخًا للنفوذ على حساب مصالح المواطنين والتنمية المحلية.
في الوقت الذي يفترض أن تُمنح الصفقات العمومية وفقًا لمعايير الشفافية والمنافسة العادلة، تشير مصادر مطلعة إلى أن مشاريع التهيئة الحضرية في السمارة تُفوت لمقاولات محسوبة على دوائر القرار، بغض النظر عن مدى أهليتها لتنفيذ الأشغال بالجودة المطلوبة. والنتيجة: مشاريع متعثرة، بنى تحتية رديئة، وأموال طائلة تُهدر في إصلاح ما لم يُنجز بشكل سليم من الأساس.
تجاهل المساطر القانونية في تدبير الصفقات العمومية لا يُلحق الضرر فقط بالمقاولات المحلية المؤهلة التي تُقصى من المنافسة، بل يضرب أيضًا أسس التنمية المستدامة، حيث تصبح المشاريع وسيلة للإثراء الشخصي بدل أن تكون رافعة لتحسين جودة العيش في المدينة.
لم تتوقف التجاوزات عند الصفقات العمومية، بل امتدت إلى التعيينات في مناصب تقنية حساسة، حيث تم إسناد منصب تقني متخصص في الأشغال الكبرى لأحد المقربين من رئيس المجلس الجماعي، متجاوزًا كل معايير الشفافية والاستحقاق.
هذا النوع من التعيينات يُجهض طموحات الكفاءات المحلية التي تجد نفسها محرومة من الفرص، رغم توفرها على المؤهلات المطلوبة. كما أن منح المناصب لأشخاص غير أكفاء يؤدي إلى ضعف الأداء الإداري والتقني، مما يفاقم المشاكل بدل إيجاد حلول ناجعة لها.
ما يجري في السمارة ليس مجرد تجاوزات إدارية معزولة، بل هو جزء من نمط متكرر يُفرغ المؤسسات من دورها الحقيقي، ويفقد المواطنين ثقتهم في الجهات المسؤولة. في ظل هذه الممارسات، تصبح التنمية رهينة لمصالح ضيقة، بينما تظل المدينة تعاني من نقص التجهيزات، وضعف الخدمات، وتأخر المشاريع الأساسية.
إقصاء الكفاءات وإعطاء الأولوية للعلاقات الشخصية لا يؤدي إلا إلى تكريس الرداءة، وهو ما ينعكس سلبًا على جودة المشاريع العمومية ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
رغم الدعوات المتكررة إلى فرض رقابة صارمة على تفويت الصفقات والتوظيفات، لا تزال هذه الظواهر مستمرة، مما يطرح تساؤلات حول دور الجهات الوصية في التصدي لها. الهيئات الرقابية مطالبة بتحمل مسؤولياتها كاملة، وفتح تحقيقات شفافة حول هذه الملفات، واتخاذ إجراءات حازمة ضد كل من يثبت تورطه في استغلال منصبه لتحقيق منافع شخصية.
إذا استمر هذا الوضع دون تدخل حقيقي، فسيظل المواطن هو الخاسر الأكبر، وسيتواصل نزيف الفساد الذي يعرقل كل جهود التنمية. لا يمكن الحديث عن تحسين ظروف العيش أو النهوض بالمدينة في ظل منطق الريع والمحسوبية، وهو ما يجعل الحاجة إلى الإصلاح والمحاسبة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.