
زمور: جرح نازف في صحراء النسيان
علي سالم النعيمي/ السمارة
السمارة أو زمور، كما يحلو لسكانها تسميتها، تلك الحاضرة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، تتلظى تحت نار الإهمال، وتترنح بين براثن الضياع. أفما آن لهذا الليل أن ينجلي، وللأمل أن يطل برأسه من بين ركام الوعود الخاوية؟
كانت السمارة يوماً درة الصحراء، جوهرة تنبض بالحياة، تسير على درب المجد، قبل أن تُسلم زمام أمرها إلى أيدٍ لم تحسن التدبير، فجعلت من نعيمها جحيماً، ومن رخائها بؤساً. فمنذ أن استوطن كرسي رئاستها حزب الاستقلال، تحولت المدينة إلى أرض موحشة، تسير على غير هدى، تزداد فقراً على فقر، وبطالة على بطالة، وتشرّداً فوق تشرّد. فلا مشاريع تنموية ترى النور، ولا بنى تحتية تُشيّد، وكأنها وُئدت وهي حية، تُصارع الموت في صمتٍ مطبق.
أما المعارضة، فحدّث ولا حرج! أيام الانتخابات، تعالت أصواتها كالرعد القاصف، تسطر الوعود تلو الوعود، وتبشّر الساكنة بغدٍ زاهر، ومستقبل زاهٍ. ثلاث سنين مرت، ولم يُنجز منها حرف واحد. كأنما خُدعت السمارة بماء السراب، وما أن اقتربت منه حتى وجدت نفسها تغرق في رمال التيه، لا تجد من ينتشلها، ولا من يرأف بحالها.
فأين هم الذين أقسموا أن يكونوا عوناً للمدينة لا عبئاً عليها؟ أين هم الذين صدحت حناجرهم بالعهود، وتعاهدوا على رفع الغبن، ثم ما لبثوا أن ولّوا مدبرين، تاركين خلفهم أطلال مدينة كانت يوماً شامخة؟
إنها مأساة السمارة، المدينة المنكوبة التي ما زالت تنتظر الفرج، تنتظر رجالاً لا يبيعونها بثمن بخس، رجالاً يحملون في قلوبهم حب الأرض، لا حب الكراسي، رجالاً يجعلون من التنمية واقعاً لا شعاراً، ومن الإصلاح فعلاً لا قولاً. فإلى متى سيظل هذا الجرح نازفاً،