حياد24/مدير النشر

السياسة، درسناها و درسنا علمها بل علومها و نسينا أو كدنا ننسى ما تعلمناه، و حين كبرنا كبر معنا جهلنا و أدركنا أن هناك سياسةً أخرى لا تُدرس في الجامعة و إنما تغترفها بيديك من نهر الواقع الجاري، و لذلك لا تحكم على الناس حتى تجرب، فإني وجدت الكلام أسهل من شرب الماء الفرات، ألم يقل كبار رجالات الدولة كلاما حينما كانوا خارج دائرة القرار بل و أعطوا وعودا و حينما حكموا طُمر الكلام في الوحل و الطين و أما الوعود فكانت أشبه بوعود عرقوب لأخيه،

لا أدافع عن رجالات السياسة و لا أتمحل لهم الأعذار و لكنني أعيب على نفسي قبل غيري أن أقف في برج عاجٍ و أضع كل من لا يهواه قلبي في مشرحة النقد و التجريح، و إن كان و لا بد لي من أن أدلي بدلوي في جب السياسة فسأترك عني الناس، فإنهم و إن قصروا إلا أن الواقع أكبر منهم بل ليسوا وحدهم فيه، و لعمري إن السياسة عصية على الدهاة فهي رحم لا تنجب و من كان ذا كعب عال فيها كُسر كعبه و تنكر لفضله الأقارب قبل الأباعد ،

لا تجعل من التنظير سوطا لنقمتك أيها المثقف فقد تُصيب حليما أو يصيبك جاهل و لكن اكشف عن ساقيك و اعبر ذلك النهر الجاري و إن لم تكن سابحا ماهرا فانفخ قِربتك و شُد وكاءها فإن غرقت مات معك تنظيرك، و إن عبرت فسيقول عنك الناس أسوأ مما كنت تقوله عنهم فحاذر و امتط صهوة حصان صمتك و كن كسيف عضب يقطع و هو صامت…
مدير نشر حياد