حين يُزيَّف الضياء ويُعتّم على الظُلم: مأساةٌ في كف التواطؤ الإعلامي

15 فبراير، 2025 هيئة التحرير

حياد24 ـ علي سالم النعيمي

في زوايا المشهد السياسي المتداخل، حيث تتشابك المصالح وتتوارى الحقيقة خلف ستائر الزيف، يطفو على السطح واقعٌ يضجّ بالتناقضات. المسؤول الذي يُفترض أن يكون في قلب المعاناة، منصتًا لأنين المحرومين، صار منشغلًا بتلميع صورته، يسعى لأن يكسوه الإعلام بمسحةِ المجد، بينما تنهال عليه لعنات المجتمع، لا لشيء سوى أنه غدا رمزًا للخذلان.

إن في السمارة ما يدعو إلى التأمل العميق، حيث يُنسج الخطاب الإعلامي على منوالٍ يخالف نسيج الواقع، فيُنتقى من الحقيقة ما يخدم أصحاب النفوذ، وتُطوى بقية المشاهد في ظلمة التعتيم. فكيف لصفحات تتصدر المشهد أن تمجّد مسؤولًا أفرغ جماعة أمگالة من روحها، حتى أضحت مرتعًا لسياسات لا ترحم؟ وأي منطق يُسبغ عليها ثوب الإنجاز، وهي التي جعلت عمالها العرضيين أثقالًا على كواهل أسرهم، غارقين في مستنقع الديون، مكبلين بقيود الاقتطاعات التي استحالت طوقًا يخنق معاشهم؟

هي جماعةٌ لم تَعُد دارًا تُؤوي أبناءها، بل ميدانًا تُمارس فيه السلطة لعبتها، تمارس الاقتطاع كأنه فرضٌ محتوم، ترفع الشعارات كأنها أقانيم مقدسة، بينما في بواطن الأمور ما لا يخفى على عين البصير. وإذ تحكمها يد رئيسةٍ تجمع بين منصب الجماعة وكرسي النيابة البرلمانية، فإن السؤال يظل معلّقًا: أي مصلحة تلك التي تُدافع عنها؟ وأي همٌّ ذاك الذي تشغله، إن لم يكن همّ الفئات الكادحة التي تقتات من عرق الجبين؟

لكنّ المصيبة لا تكمن في سوء التدبير فحسب، بل في التواطؤ الصامت، في إعلامٍ يلوذ بالصمت حين يُنتظر منه أن يصدح بالحق، في صفحاتٍ تتعامى عن المآسي، فلا ترى إلا ما يخدم رؤوس الأموال وأصحاب القرار. عمالٌ يتساقطون تحت وطأة الحاجة، وجماعةٌ تتخبط في أزماتها، وبينهما يقف الإعلام شاهدًا أبكم، يغضّ الطرف، يصوغ العناوين على مقاس من يدفع، يُدبّج المقالات بما يُرضي النافذين، تاركًا الحقيقة خلف ستار الكواليس.

وهكذا تتشكل المعادلة الظالمة: فقرٌ يتسع، ومسؤولٌ يستبد، وإعلامٌ يجمّل القبح، حتى لا يثور السائلون. لكنها معادلة لا تدوم، فالحقيقة كالشمس، لا تُحجب طويلًا، ولو نسجوا لها ألف ستار، وسواءٌ أعترفوا أم أنكروه، فإن صمت المظلومين اليوم لن يكون إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة.

الوسوم:

التصنيفات الرئيسية

تابع جديدنا

اشترك في نشرتنا اليومية للحصول على أحدث الأخبار

لا يتم نشر بريدك الإلكتروني. يمكنك إلغاء الإشتراك في أي وقت

أحدث الأخبار