هناك حكمة صينية تقول؛ كيف يمكن للشمس أن تفقص البيض ولا يمكنها فقص الحجر، وهي دعوة منطقية للفصل بين الأسباب الداخلية كالتدافع/التنظيم/المرافق/النقل، وبين الأسباب الخارجية كارتفاع درجة الحرارة والتعرض لأشعة الشمس، والتي أدت حسب مصادر رسمية سعودية إلى فاجعة وفاة 1300 حاج(ة) هذه السنة.

فريضة الحج التي تأتي في المرتبة الخامسة والمقرونة بسبل الإستطاعة تغيرت مناسكها هذا العام وطغى عليها العزاء والبحث عن المفقودين، وكانت مصر أكثر أرض ثكلى بوجود أزيد من 650 حالة وفاة تقول الأخبار أن معظمهم بدون تصريح خاص بآداء مناسك الحج.

حسب مصادر مصرية محلية فإن تأشيرة الحج تكلف ما يقارب 4500 دولار، لكن بعض وكالات الأسفار وفرت تأشيرات السياحة والزيارة من مصر إلى السعودية بثمن منخفض، وهو الشيء الذي سبب الإزدحام والضغط على الطاقة الإستيعابية لأماكن ضيقة مثل عرفة ومنى.

بعد ٱنتشار الأخبار؛ سارعت الشرطة المصرية لاعتقال 450 سمسارا من أصحاب وكالات الأسفار والوسطاء والمرافقين في ٱنتظار محاكمتهم، وعلى إثرها قامت السلطات الأردنية أيضا بتوجيه ٱتهامات لـ 28 شخصا بتهمة الاتجار في البشر والإحتيال على خلفية وفاة 99 مواطنا أردنيا أدوا مناسك الحج بطرق غير قانونية.

تونس التي عرفت وفاة 60 حاج(ة)، خرج فيها بعض النشطاء والإعلاميين ليحملوا الحكومة التونسية مسئولية هذه المأساة لفشلها في مراقبة ومواكبة الحجاج، وقد أفادت وسائل إعلام تونسية أن المسافرين من منطقة “قردان” وحدها تجاوزت نسبة الوفيات بينهم الـ 81٪، عازين السبب لتخلي المرافقين عنهم وعدم الوفاء بوعود جودة النقل والسكن.

من منظور آخر؛ صرح وزير الصحة السنغالي إبراهيما سي لمنابر رسمية أن السلطات السنغالية تشتبه في مرض تنفسي مشابه لكوفيد 19 أدى لعدد من الوفيات، مضيفا أن الوزارة قامت بإجراء 124 اختبارا سريعا للحجاج العائدين وسط المطارات وقد جاءت 78 منها إيجابية.

من جهة أخرى، صرحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب عن تسجيل 20 حالة وفاة من أصل 34 ألف حاج مغربي قاموا بآداء المناسك هذه السنة، معتبرة الأمر عاديا إذا ما تم مقارنته بالـ10 سنوات الأخيرة والتي تراوحت فيها الوفيات بين 30 و45، مضيفة أن هذه السنة عرفت نسبة 15٪ من الوفيات تزيد أعمارهم عن 80.

وبين الحر الشديد وظاهرة الاحتباس الحراري حيث يوصي خبراء بأخد الحيطة والحذر خلال المواسم المقبلة التي ستعرف تقلبات مناخية أشد، وبين التدافع والتزاحم بسبب آداء مناسك الحج بطرق غير قانونية، وخلف ضعف المرافق وأزمة النقل التي وثقتها شهادات عدة داخل وسائل التواصل الاجتماعي، وأمام هاجس حجاج مسنين و مرضى؛ لا يسعنا حاليا إلا الدعاء للمتزاحمين بالرحمة والغفران.