حمى الانتخابات.. إحماءات مبكرة في الصحراء في لحاق 2026

30 يناير، 2025 هيئة التحرير

محمد يوسفي

يستدرجنا موضوع التحضير المبكر لانتخابات التشريعية والجماعية والمهنية إلى إعداد سلسلة من الحلقات المكتوبة، على شكل عمود أو ركن، يتناول هذه التيمة تحت عنوان “حمى الانتخابات” أو لحاق/سباق 26، لما ينتظر من السباق نحو هذه المحطة أن يفرز معطيات ووقائع كثيرة، وطنيا وخاصة في الصحراء وبالأخص عاصمتها العيون.

لسنا هنا بصدد تناول سوسيولوجي لظاهرة الانتخابات، باعتبارها ظاهرة اجتماعية ضمن الظواهر القوية الحضور في مساق علم الاجتماع السياسي. فتناول من هذا العيار الرفيع يتطلب وقتا وتأطيرا نظريا، وخطوات منهجية علمية، لا ترتكن فقط إلى الجانب النظري والمفاهيمي بل تسعى لجمع المعيطات المرتبطة بإشكالية البحث، من خلال عينة دقيقة وتمثيلية، وقراءة وتحليل هذه المعطيات والنتائج، وغيرها من تفاصيل وخطوات البحث العلمي.

لكننا هنا وإن كنا أبعد من هذا المسار في تناول ظاهرة الانتخابات، إلا أننا قد نتقاطع معه في نقط مشتركة من ضمنها جمع المعيطات المرتبطة بالظاهرة -الانتخابات-، قراءتها وفق سياقاتها المتعددة الأبعاد، الدولية منها والإقليمية، وأيضا الوطنية والمجالية أو المناطقية بتعبير آخر. كما قد نتقاطع مع السوسيولوجيا في انتقاء وأجرأة المفاهيم وتحيين المعطيات وبعض مفاتيح فهم الظاهرة، ولربما هي تقاطعات شكلت محور مقالات وكتابات عن العلاقة الجدلية والتفاعلية أحيانا بيت الصحافة وعلم الاجتماع.

بعد هذه التوطئة لمختلف حلقات “لحاق 26″، ننطلق في لحظة ثانية إلى التعريج على النموذج المغربي في تجربة الانتخابات في علاقته بالصحراء. لهذه الأخيرة تعتبر أحياناً تيرموميتر المناخ الوطني، تريموميتر أبقى على حضور قوي لحزب الاستقلال في الساحة السياسية الوطنية بشكل مستمر حتى في لحظات ضعفه. وشكلت الصحراء منذ فترة ثقلا وازنا ليس فقط داخل الحزب، لا عاملا لتبوء الحزب أرقاما متقدمة.

قد لا تعكس الإحصائيات والأرقام حضور تمثيلية ما يقارب الثلث من مجال المملكة ضمن النسيج السياسي الوطني، وهو مجال الصحراء بجهاته الثلاث. لكن كل حضور قوي لحزب من الأحزاب في الصحراء هو بالضرورة حضور في السياق الوطني.

قبل محطة الثامن من شتنبر بأشهر، توقعت بروفيل عزيز اخنوش رئيسا للحكومة، حكومة تفرزها انتخابات تتأثر بسياقات إقليمية ودولية لكن أيضا سياقات أخؤى داخلية وطنية ومناطقية، وكان من ضمن الفرضيات الأخرى قيادة نزار بركة الحكومة كخيار ثان للدولة، حكومة كانت الفرضيات تقول أنها ستحتفظ بحقيبة وزارية لأحد أبناء الصحراء، لكن تيار ولد الرشيد حاز على ماهو أكبر، منصب رابع رجل في هرمية الدولة رئاسة مجلس المستشارين.

وبين البعد الوطني والخصوصيات المحلية خاصة في الصحراء، والتي فوضت للقبيلة أحيانا كثيرة تسيير أمور الأحزاب، بل إن هذه القبلية وتوازناتها حاضرة أيضا في ذهنية الداخلية، او المخزن المهندس الأول الانتخابات. بينهما نقط مشتركة عديدة ابرزها استعمال المال بشكل فج في شراء الذمم والأصوات واستمالة الناخبين، وهو ما كان له وقع أكثر فضاحة في الصحراء، بدعوى سميت زورا أرقاما لمشاركة الساكنة في الانتخابات.

هندسة الخرائط السياسية في الصحراء، بقدرما تراعي ما يعرف بحساسية المنطقة والسلم الاجتماعي، ذرائع المخزن التاريخية، بقدرما تراعي توازنات قبلية، يُفرض معها وفق سياقات وطنية انتقال مجموعات من هذا الحزب نحو آخر، وهي المؤشرات التي بدت بعض معالمها تتضح.

أنباء عن انتقال الخطاط ينجى رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب لحزب الأصالة والمعاصرة، بعد خلاف حاد مع حمدي ولد الرشيد داخل حزب الاستقلال، هذا الأخير الذي تحالف مع منتسبي حزب أخنوش في الداخلة، ودعم بعض الأحزاب الصغيرة لكسر شوكة الخطاط. هذا الأخير الذي يعيش صراعا سياسيا مع محمد لمين حرمة الله بدت مؤشراته جلية للعيان.

ولأن منطق التحالفات القبلية في الصحراء يعلو على منطق التوازنات السياسية، لم يتحالف حمدي ولد الرشيد مع تجمعيي العيون عكس تحالفه مع تجمعيي الداخلة ضدا على رفيقه في الميزان الذي لم يعد مرغوبا فيه في حزب علال الفاسي، او العكس على ما يبدو هو الصحيح، فتجمعيو إقليم العيون هم من رفضوا وضع يدهم في يد ولد الرشيد، وكذاك هو حال الأصالة والمعاصرة، في مشهد يعكس تحالفا مركزيا قطريا ناسفا الأبعاد المناطقية، غير آبه بها.

ولأن هذا المنطق لم يعجب عددا من المنتخبين والفاعلين السياسيين من داخل أحزاب التحالف الحكومي، فإن إرهاصات الانتقالات بدت واضحة للعيان، خاصة من التجمعيين الساخطين على حزب الحمامة الذي لم يقضي حوائجهم في عدد من الوزارات التي يتولاها الحزب، بينما لا يتوانى في قضاء حوائج وأغراض المنتسبين لحزب الميزان في الصحراء، حسب تعبير منتخب تجمعي بإحدى مجالس العيون، ليكون شد الرحال اقرب للبام.

هذا الأخير الذي كان يضم تيارا قبليا تصدع هو الآخر، خاصة بعد خلاف محمد سالم الجماني مع قيادة الحزب ومع وهبي على وجه التحديد، ناهيك عن حضور الفرضية الآنفة الذكر، والتي تقول بقضاء حوائج حزب الاستقلال في الصحراء دون مراعاة ملتمسات منتسبي الحزب. مؤشرات ضمن أخرى دفعت بتردد محمد سالم الجماني عن ترشحه في الانتخابات المقبلة، او رفضه الترشحه حسب ما قال مصدر خاص.

حمى الانتخابات بالصحراء تستخدم فيها عدد من الأساليب، من ضمنها التسجيل في اللوائح الانتخابية، وهي المعركة الاستراتيجية الأولى لمختلف التيارات، والتي بدأت لتوها في الصحراء خاصة بإقليم طرفاية وكذا إقليم آسا.

ومن اللوائح الانتخابية إلى معركة الملفات وركوب الأمواج، صراع الاستقطابات، تفريخ الحلفاء، وغيرها من الأساليب لا شك أنها ستتعاظم كلما اقتربت لحظة التصويت.

الوسوم:

التصنيفات الرئيسية

تابع جديدنا

اشترك في نشرتنا اليومية للحصول على أحدث الأخبار

لا يتم نشر بريدك الإلكتروني. يمكنك إلغاء الإشتراك في أي وقت

أحدث الأخبار