عاشت مدينة العيون في الآونة الأخيرة على وقع الاحتفاء بالشاي لما له من دلالات تاريخية وثقافية متجذرة، وإذا كانت البداية عبر تنظيم المعرض الدولي للشاي في نسخته الثانية خلال الفترة ما بين 21 و 24 ماي الماضي داخل قاعة المعارض الكبرى بالمدينة، فإن التخليد استمر وتبلور عبر تنظيم فعاليات “ملتقى الشاي لثقافات العالم” في دورته الخامسة، وهو باكورة عمل محلية من إعداد “جمعية مدينتي” التي احتضنتها دار الثقافة أم السعد طيلة أيام 7و8و9 يونيو الجاري.
فعاليات الملتقى كانت غنية في محتواها ومنفتحة على ما هو ثقافي ورياضي انطلاقا من مدلول الشاي الرمزي، بالإضافة إلى فتح نافذة الاهتمام وتبادل الآراء أمام الشباب المبدع الذي عبر عن رؤيته وطموحاته أمام تطورات كبيرة تهم الساحة الثقافية جهويا وطنيا ودوليا، كما كانت الدورة منفتحة على بعض الفعاليات النوعية، في إطار إبراز الطاقات الشابة وسط العمل الجمعوي والفني، إضافة للكفاءات الإعلامية بالإقليم التي يمكن لها أن تساهم في تقوية الصناعة الثقافية المحلية، ناهيك عن فتح باب النقاش الجاد لمواكبة التحديات العالمية المتسارعة بشتى المستويات.
وبصورة حصرية، عرفت هذه الدورة إسدال الستار عن نوع جديد من أنواع طرق صناعة الشكولاطة، عبر تنظيم ورشة تكوينية لفائدة طلبة المعهد المتخصص للطعامة والسياحة، جاءت على شكل مسابقة حول كيفية مزج الشكولاطة بالشاي كفكرة غير مسبوقة على مستوى الجهة خاصة والمملكة بشكل عام، وعرفت الدورة كذلك إحداث دوري “كأس الشاي” لرياضة كرة السلة بتنسيق مع “تيبو إفريقيا” العيون ، والذي عرف مشاركة مجموعة من الفرق الشابة الممارسة لهذا النوع الرياضي بالمدينة، كما تم إحداث جائزة لعبة “السيك ” التقليدية التي عرفت مؤخرا تسجيلها ضمن الموروث الثقافي اللامادي الإنساني من طرف “منظمة الإيسيسكو” سنة 2023 كتراث مغربي صحراوي، وعرفت هاته الدورة أيضا عدة أنشطة موازية سينمائية لفائدة الأطفال و ورشات التلوين التراثي، لتعريف الناشئة على القيم الثقافية وترسيخ مداركهم العقلية حول الموروث الإنساني الصحراوي المغربي وتشجيع القيم النبيلة الكونية وتقوية التعايش والتسامح بين مختلف الهويات المغربية المتعددة الروافد.
هذا النشاط عرف أيضا تكريم الفرقة المسرحية “ايكوا فاميلي” التي توجت بجائزة المهرجان الوطني لسنة 2024 “لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب”، في شخص الفنان الشاب “بدر سعود”، بالإضافة إلى تتويج الفائزين بالمسابقات الشبابية الموازية للملتقى ، لتختتم هاته الدورة الثقافية بقراءة برقية ولاء وإخلاص للسدة العالية جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بحيث كانت من ضمن التوصيات الهادفة “الاحتفال باليوم الوطني للشاي وخلق مؤسسة وطنية تعنى بتاريخ الشاي” إضافة لاقتراح “إستراتيجية وطنية حول صناعة الشاي وفق رؤية تنموية تستحضر التعاون والشراكة بين القطاع العام والخاص” وكذلك ” تنويع انفتاح المغرب على أسواق الشاي العالمي في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ” بالإضافة إلى ” تعميق التعاون وتبادل التجارب مع الدول المنتجة للشاي”.