يوسف بوصولة

كلمة “كلانديستينو” (Clandestino) هي كلمة إسبانية تعني “سري” أو “غير قانوني”. تُستخدم للإشارة إلى الأشياء أو الأشخاص الذين يعملون أو يعيشون بشكل غير قانوني أو دون تصريح رسمي. في السياق الأدبي، يمكن أن تشير إلى شخصيات أو أحداث تجري في الخفاء، غالبًا لتجنب السلطة أو الرقابة. تُستخدم كلمة “كلانديستينو” لتسليط الضوء على جوانب خفية من الحياة، مثل الهجرة غير الشرعية، العمليات السرية، أو المقاومة ضد الأنظمة القمعية. شخصيات تعيش في الظل، تقوم بأعمال غير قانونية أو تحاول البقاء بعيدًا عن الأنظار لأسباب متعددة.

هي رواية درامية رومنسية تحكي قصة شابين عشرينيين من مدينتين مغربيتين مختلفتين. قررا الهجرة لؤروبا بطريقتين مختلفتين. “خالد” يهاجر بطريقة لا شرعية لكنه لن يستعمل قوارب الومت. اما “سهام” تهاجر لتكمل دراستها. قد تتعد الاسباب الى ان الهجرة هي النتيجة التي ستجمع بين البطلين في “سرداب الموتى” او ما يسميه الفرنسيون “كاتاكومب”. تسير الاحداث ليتزوج البطلين ويعلقان امالهما بمولود “ريان” لكن لن تكون النتيجة كما خطط لها.

“كلانديستينو” هو الابن الجديد للكاتبة مريم الناصري ابنة الخمسة والعشرين ربيعًا التي جعلت من الكتابة تحقيقًا لذاتها وتجسيدًا لأفكارها وقناعاتها. بعد إصدارها لرواية “أوراق الخيبة” و”خلايا الذاكرة”، تأتي بروايتها الجديدة لتناقش موضوعات وأفكار قد تبدو عادية في ظاهرها ولكن نحتاج للخوض في ثناياها لندرك أننا فعلاً بحاجة لحلول.

كانت البداية بموضوع مهم، أصحاب الشهادات المعطلون وخاصة الفقراء منهم. هنا يجب أن نطرح سؤالًا مهمًا: لماذا لا نساعد هؤلاء الشباب في إيجاد عمل يليق بهم؟ أم أنهم ليسوا من أهل المال والنفوذ؟ والإشكال الثاني هو الهجرة السرية، وهذا إشكال مرتبط بالأول. فالحلم الأوروبي هو في الحقيقة ليس إلا وهمًا، وخاصة للمهاجرين غير الشرعيين. فهم يحاولون الفرار من واقع مرير إلى ما هو أمرّ منه. الحرية والكرامة والراحة النفسية وغيرها من الأوهام ليست إلا إعلانات يخفي بها العالم الغربي انحلاله الأخلاقي والفكري والأنانية وحب الذات…

أما عن القبلية والعادات التي أصبحت بمثابة أوامر ربانية يحرم مخالفتها أو الخروج عنها، فهذا متعلق بالأساس بالفكر والثقافة المجتمعية وقلة الوعي، وقد تسبب في العنصرية سواء بين القبائل نفسها أو بين القبيلة والغرباء. وموضوعات كثيرة من قبيل الطلاق والخيانة والتحرش والفقر والمشاكل الاجتماعية في المدن المغربية (العيون وسيدي إيفني وباريس…).

“كلانديستينو” تحمل في طياتها مقارنات متعددة تجعل من القارئ يفكر مليًا فيها، ابتداءً من المقارنة المكانية من خلال مقارنة مدينتي سيدي إيفني والعيون بمدينة باريس. وخلافًا للعادة كانت هذه المقارنة ضد مدينة الأنوار حيث حاولت الكاتبة من خلال هذه الرواية إبراز الجانب المظلم لباريس وأوروبا ككل. مرورًا إلى المقارنة النفسية أو المشاعرية من خلال مشاعر الفرح والحزن، الحب والكراهية، التفاؤل والتشاؤم… التي تخللت شخصيات الرواية. وصولًا إلى المقارنة الزمانية، سلطت الكاتبة الضوء على الفرق بين الحاضر والماضي لكل شخصية من شخصيات الرواية.

رواية “كلانديستينو” هي تجسيد صريح وواضح للواقع الذي تعيشه فئة الشباب، وهذا راجع لكون الكاتبة هي الأخرى تنتمي لهذه الفئة. وتظل هذه الرواية طريقًا لتأمل في حقائق مجتمعية نستحي من الخوض فيها بطابع أدبي درامي يجعلنا نفكر مليًا في حال مجتمعاتنا التي تسير نحو الهاوية.

يوسف_بوصولة

Maryem Ennasiri